أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

بريطانيا تشدد قوانين الهجرة رغم ارتفاع أعداد المهاجرين سنة 2025


 المملكة المتحدة تشهد تحولات كبيرة في سياسات الهجرة: إصلاحات حكومية وتشديد للرقابة رغم تزايد العبور غير النظامي

في ظل التحولات الجيوسياسية والاجتماعية المتسارعة التي يشهدها العالم، تواصل قضايا الهجرة تصدّر اهتمامات الحكومات الأوروبية، لا سيما في المملكة المتحدة. فقد أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرًا عن مجموعة من الإصلاحات الرامية إلى خفض أعداد المهاجرين، في الوقت الذي تستمر فيه الأرقام الواقعية بتسجيل ارتفاع في أعداد العابرين غير النظاميين، ما يعكس تناقضًا بين السياسة والواقع على الأرض.

 انخفاض مرتقب في صافي الهجرة خلال عام 2025

كشفت صحيفة The Economic Times في تقرير جديد صدر يوم 22 ماي 2025، أن حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تتوقع انخفاضًا في صافي الهجرة يصل إلى 250,000 شخص خلال عام 2025، مقارنة بالسنوات السابقة.

ويرجع هذا الانخفاض إلى مجموعة من التدابير الصارمة التي تم اتخاذها مؤخرًا، أبرزها:

  • تشديد شروط التأشيرة للعمال الأجانب.
  • رفع الحد الأدنى للأجور المطلوبة للهجرة.
  • تقليص فئات المهن المؤهلة للهجرة.
  • فرض قيود إضافية على جمع شمل الأسرة.

تأتي هذه السياسات الجديدة في إطار خطة الحكومة لمواجهة ما تعتبره "تضخمًا مفرطًا في أعداد المهاجرين"، حيث تسعى بريطانيا إلى خفض الاعتماد على اليد العاملة الأجنبية، وإعادة تنظيم سوق العمل الداخلي.

 عبور قياسي للمهاجرين عبر القناة الإنجليزية

ورغم هذه الإجراءات، فإن الواقع يظهر صورة مغايرة. فقد نشرت صحيفة The Times البريطانية في 21 ماي 2025 تقريرًا مثيرًا للانتباه يشير إلى تسجيل رقم قياسي جديد في عدد المهاجرين غير النظاميين الذين عبروا القناة الإنجليزية من فرنسا إلى بريطانيا.

الأرقام في تزايد مقلق:

  • 820 مهاجرًا عبروا القناة في يوم واحد فقط (الإثنين 21 ماي).
  • العدد الإجمالي للمهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى بريطانيا منذ بداية عام 2025 تجاوز 13,500 شخص.
  • مقارنة بعام 2024، فإن هذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 30%.

مخاطر العبور ومأساة الغرق

للأسف، لم تخلُ هذه العمليات من الكوارث. فقد أفادت تقارير رسمية أن شخصين لقيا حتفهما خلال محاولة عبور خطيرة، نتيجة انقلاب قارب مطاطي يحمل أكثر من 60 مهاجرًا. وتمكنت خفر السواحل البريطانية من إنقاذ عدد منهم، بينما نقل بعض المصابين إلى المستشفى في حالة حرجة.

وقد علّق أحد مسؤولي الهجرة في بريطانيا قائلًا:

"ما نشهده اليوم هو تحدٍ إنساني وأمني خطير، ويجب أن نتعامل معه بحزم ولكن بإنسانية".

الأسباب وراء هذا التناقض بين السياسات والأرقام

رغم الإجراءات المشددة، هناك عدة عوامل تجعل من بريطانيا وجهة مفضلة للمهاجرين، نذكر منها:

  • اللغة الإنجليزية التي يتحدث بها العديد من اللاجئين.
  • وجود جاليات كبيرة تحتضن القادمين الجدد.
  • التسهيلات القانونية السابقة التي شجعت على اللجوء.
  • سوء الأوضاع في دول الانطلاق مثل السودان، سوريا، أفغانستان، وأرتيريا.

إضافة إلى ذلك، فإن شبكات التهريب أصبحت أكثر تنظيمًا واحترافية، حيث تقوم بتجهيز المهاجرين بوسائل العبور، وتنظيم عمليات الإبحار الليلي، ما يُصعّب من مهمة السلطات البريطانية في ردع هذه الظاهرة.

موقف الحكومة البريطانية

رئيس الوزراء كير ستارمر، الذي تولى الحكم حديثًا، شدد في أكثر من مناسبة على التزامه بتقليص أعداد المهاجرين، وقال في كلمة له أمام البرلمان:

"لا يمكننا أن نتحمل ضغوطًا إضافية على نظامنا الصحي والتعليمي والإسكاني، نحن بحاجة إلى نظام هجرة عادل، منظم، وإنساني في الوقت ذاته."

لكن في ظل التناقض بين التشريعات والواقع، يجد كثيرون أنفسهم في مواجهة تساؤلات عميقة: هل تكفي القوانين وحدها لوقف موجات الهجرة؟ أم أن الحل يكمن في معالجة الجذور الاقتصادية والسياسية التي تدفع الناس إلى المخاطرة بحياتهم؟

ردود فعل منظمات المجتمع المدني

انتقدت عدة منظمات إنسانية السياسات الجديدة، واعتبرتها غير عادلة وغير فعالة، وأشارت إلى أن خفض عدد المهاجرين لن يوقف تدفق من هم في أمسّ الحاجة للحماية.

وقالت منظمة "الحدود المفتوحة":

"الناس لا يهاجرون طوعًا، بل هربًا من الموت، والقانون لا يجب أن يكون حاجزًا أمام النجاة."

ماذا بعد؟ السيناريوهات المتوقعة

في ظل هذه المعطيات، تتوقع الأوساط السياسية أن تشهد بريطانيا في الأشهر المقبلة:

  • تصاعدًا في وتيرة الهجرة غير النظامية.
  • صدامات قانونية وسياسية داخل البرلمان حول حقوق المهاجرين.
  • ضغوطًا أوروبية متزايدة على بريطانيا للتعاون في ضبط الحدود.

لكن في نهاية المطاف، تبقى الهجرة قضية إنسانية بالدرجة الأولى، تحتاج إلى معالجة شمولية تتجاوز الإجراءات الأمنية نحو سياسات تنموية وإنسانية عادلة.

كلمة أخيرة

ما يجري في بريطانيا اليوم ليس معزولًا عن السياق الأوروبي والعالمي، فالهجرة أصبحت ساحة معركة بين الاعتبارات السياسية والأخلاقية. وبينما تسعى الحكومات لضبط الأرقام، يسعى البشر للهروب من الحروب والفقر بحثًا عن حياة أفضل.
اقرا ايضا:فرصة عمل موسمية في بلجيكا لجني وتقليم الفواكه – 2025

تعليقات