قبل كأس العالم 2026: تصعيد أمريكي في سياسات الهجرة يربك الجوار الكندي والمكسيكي

قبل كأس العالم 2026: تصعيد أمريكي في سياسات الهجرة يربك الجوار الكندي والمكسيكي

تشديد الهجرة في أمريكا وكندا والمكسيك قبل كأس العالم 2026

من هنا تبدأ القصة

في صيف عام 2026، ستشهد قارة أمريكا الشمالية حدثًا رياضيًا هو الأكبر من نوعه: بطولة كأس العالم FIFA التي ستُنظّم بشكل مشترك بين الولايات المتحدة، كندا، والمكسيك. وبينما يُتوقع أن تكون البطولة فرصة لتعزيز التعاون والتبادل الثقافي والاقتصادي بين الدول الثلاث، إلا أن الواقع يختلف تمامًا على مستوى السياسات الحدودية والهجرة.

مع اقتراب موعد البطولة، شرعت الولايات المتحدة في تشديد إجراءات السفر والهجرة، مما أدى إلى تصاعد المخاوف من تعقيدات جديدة قد تؤثر على المشجعين، اللاعبين، العمال الموسميين، والسياح على حد سواء. أما كندا والمكسيك، فتعكفان على الاستجابة لهذه التحديات المتزايدة بسياسات أكثر مرونة، لكنهما أيضًا تواجهان ضغوطًا غير مسبوقة لضمان أمن وتنظيم فعّال.

في هذا المقال، نسلّط الضوء على أبرز العقبات الجديدة في ملف السفر والهجرة، ونتناول تداعيات هذه السياسات على أرض الواقع.

أولاً: الخلفية العامة لكأس العالم 2026

كأس العالم 2026 سيكون الحدث الأول الذي يُنظّم بمشاركة ثلاث دول من قارة واحدة. ومن المرتقب أن تستضيف الولايات المتحدة النصيب الأكبر من المباريات، بما في ذلك الأدوار النهائية، بينما تنال كندا والمكسيك عددًا أقل من اللقاءات.

هذا التنسيق الثلاثي يتطلب تنقلاً سلسًا بين الدول المضيفة، لا سيما للمشجعين الذين قد يرغبون في متابعة منتخباتهم عبر الحدود. غير أن التنسيق الأمني والهجري بين الدول الثلاث يواجه تحديات حقيقية.

ثانيًا: الولايات المتحدة وتشديد سياسات الهجرة والسفر

1. الحظر الموسّع على بعض الجنسيات

أعلنت الإدارة الأمريكية في يونيو 2025 عن فرض حظر سفر جديد يشمل 12 دولة، ويمنع مواطنيها من دخول الولايات المتحدة، باستثناء فئات محددة تشمل الرياضيين الرسميين. هذا القرار يأتي في إطار ما وصفته واشنطن بـ"ضمان الأمن القومي قبل البطولة"، لكنه أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان.

2. تأخيرات غير مسبوقة في معالجة التأشيرات

تشهد القنصليات والسفارات الأمريكية حول العالم ضغطًا هائلًا. فمع ارتفاع عدد الطلبات المرتبطة بكأس العالم (مشجعون، صحفيون، متطوعون، عمال مؤقتون...)، وصلت فترات انتظار معالجة التأشيرات في بعض الدول إلى أكثر من 250 يومًا.

3. تعزيز الرقابة البيومترية والحدودية

تقوم وزارة الأمن الداخلي الأمريكي (DHS) بتوسيع أنظمة الرقابة البيومترية في المطارات والمعابر الحدودية، مما يؤدي إلى طوابير انتظار أطول وإجراءات تفتيش أكثر دقة. ورغم الهدف الأمني من هذه الإجراءات، فإنها تشكل عائقًا حقيقيًا أمام سهولة التنقل.

ثالثًا: كيف تتعامل كندا مع هذه التحديات؟

كندا، التي تُعرف تاريخيًا بسياسة هجرة أكثر ليونة مقارنة بجارتها الجنوبية، تجد نفسها في موقف معقّد. فهي تسعى لطمأنة الزوار وضمان تنظيم محكم، لكنها أيضًا مضطرة إلى التعاون مع السياسات الأمريكية الأكثر صرامة.

1. تسهيلات تأشيرية للمشجعين

أعلنت الحكومة الكندية عن "برنامج التأشيرة السريعة" لفئة محددة من المشجعين والعمال الموسميين، خاصة أولئك القادمين من بلدان تتطلب تأشيرة مسبقة. وقد سهلت كندا أيضًا إجراءات التأشيرة الإلكترونية (eTA) لأغلب المسافرين من أمريكا اللاتينية وأوروبا.

2. التعاون الحدودي مع الولايات المتحدة

تعمل كندا والولايات المتحدة على تنسيق مشترك عبر نقاط الدخول الرئيسية مثل فانكوفر – سياتل، بهدف إنشاء ممرات مخصصة للمشجعين وممثلي الفرق الرياضية. وهذا التعاون يشمل مشاركة بيانات السفر وتوسيع فرق التفتيش الجمركي.

3. دعم النقل الجماعي الدولي

من أبرز التسهيلات التي تُعدها كندا إطلاق خطوط نقل جماعي جديدة تشمل الحافلات والقطارات بين المدن الكندية والأمريكية، مما يُقلل من اعتماد الجمهور على السفر الجوي المعقد.

رابعًا: الوضع في المكسيك

رغم أن المكسيك أقل تشددًا من الولايات المتحدة في ملف الهجرة، إلا أنها تواجه تحديات من نوع آخر تتعلق بالبنية التحتية والنقل والأمن الداخلي.

1. تحديات الأمن الداخلي

تُواجه بعض المدن المكسيكية التي ستستضيف مباريات البطولة مشاكل أمنية متفرقة، مما يستدعي تدخلًا أمنيًا واسعًا من الحكومة لضمان سلامة المشجعين الدوليين.

2. الاستعدادات اللوجستية

تبذل الحكومة المكسيكية جهودًا كبيرة لتطوير المطارات، وتسهيل الإجراءات الجمركية، وتوفير خدمات مخصصة لكأس العالم، بما في ذلك مكاتب استقبال متعددة اللغات في النقاط الحدودية.

3. القلق من تشديد السياسات الأمريكية

يعاني آلاف المشجعين من دول أمريكا الوسطى والجنوبية من سياسات التأشيرات الأمريكية الصارمة، ما يدفعهم لمحاولة دخول البطولة عبر المكسيك، الأمر الذي قد يخلق فوضى على الحدود.

خامسًا: آثار هذه السياسات على الجماهير والاقتصاد

1. إحباط جماهيري واسع

بدأت موجات من الانتقادات تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المشجعين عن استيائهم من صعوبة الحصول على تأشيرات أو تكلفة السفر المرتفعة.

2. خسائر اقتصادية محتملة

رغم توقعات بتحقيق أرباح تفوق 5 مليار دولار من البطولة، إلا أن التشديدات قد تحرم بعض الدول من مشاركة عدد كافٍ من مشجعيها، مما يؤثر سلبًا على الحجوزات الفندقية، والمبيعات، وقطاع السياحة ككل.

3. خطر التمييز وعدم المساواة

تحذر منظمات حقوق الإنسان من أن القيود الجديدة قد تؤدي إلى تمييز ممنهج ضد مواطني بعض الدول، وتعيد إنتاج نموذج "السفر للنخبة فقط".

سادسًا: أبرز الأسئلة الشائعة

هل سيتمكن المشجعون من التنقل بين الدول الثلاث بسهولة؟

ليس دائمًا. فبينما تحاول كندا والمكسيك تسهيل التنقل، تبقى الولايات المتحدة الأكثر صرامة. من يمتلك تأشيرة أمريكية صالحة قد يتمكن من التنقل، لكن ذلك لا ينطبق على الجميع.

هل ستُلغى بعض الرحلات بسبب التوترات الحدودية؟

من غير المتوقع إلغاء الرحلات، ولكن هناك احتمال بتأخير أو تغيير بعض مسارات السفر لتفادي الاكتظاظ، خاصة على الحدود البرية.

هل تؤثر هذه الإجراءات على الصحفيين والمتطوعين؟

نعم، فكل الفئات تحتاج إلى تأشيرات خاصة، وقد تتعرض لتأخير أو تدقيق إضافي.

سابعًا: توصيات للمسافرين قبل كأس العالم 2026

  1. ابدأ إجراءات التأشيرة في أقرب وقت، خاصة إذا كنت من دولة غير مشمولة بالإعفاء.

  2. تابع الأخبار الرسمية من سفارات الولايات المتحدة، كندا والمكسيك.

  3. احجز التذاكر والإقامة مسبقًا لتجنب ارتفاع الأسعار.

  4. احصل على تأمين سفر كامل يغطي التأخيرات والإلغاء.

  5. جهّز خطة بديلة للسفر في حال تأخرت تأشيرتك أو رفضت.

ثامنًا: إلى أين تتجه الأمور؟

في الوقت الذي تأمل فيه الجماهير العالمية أن يكون كأس العالم 2026 حدثًا مفتوحًا ومتعدد الثقافات، يبدو أن الواقع يفرض قيودًا ثقيلة على سهولة الحركة والسفر. وبينما تُشدّد الولايات المتحدة إجراءاتها بحجة "ضمان الأمن"، تحاول كندا والمكسيك إيجاد توازن دقيق بين الانفتاح والتنظيم.

قد تكون هذه البطولة لحظة تاريخية في كرة القدم، لكنها ستكون أيضًا اختبارًا حقيقيًا للسياسات الدولية تجاه حرية التنقل والتعاون العابر للحدود.

من هنا

إذا كنت من الراغبين في حضور كأس العالم 2026، ننصحك بزيارة الموقع الرسمي للبطولة:
https://www.fifa.com/worldcup

للاطلاع على آخر المستجدات حول التأشيرات والسفر، راجع:

تعليقات